المفوضية الأوروبية تسعى لحظر كامل على واردات الغاز الروسي بحلول 2027

المفوضية الأوروبية تسعى لحظر كامل على واردات الغاز الروسي بحلول 2027
الغاز الروسي- أرشيف

تعتزم المفوضية الأوروبية عرض مقترح جديد، اليوم الثلاثاء، يهدف إلى فرض حظر شامل على واردات الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية عام 2027، في إطار تصعيد الجهود الرامية إلى تقليص الاعتماد على الطاقة الروسية وتعزيز الأمن الاستراتيجي للكتلة الأوروبية.

وأوضحت المفوضية، في بيان صدر مساء الاثنين، أن "إمدادات الغاز الروسي شكلت أقل من 19% من إجمالي واردات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي خلال عام 2024"، مؤكدة أن هذه النسبة لا تزال تمثل تهديدًا أمنيًا نظرًا لاعتماد بعض الدول على هذا المورد الحيوي.

ويأتي هذا التوجه في سياق محاولات المفوضية لتجاوز العقبات السياسية التي تحول دون فرض حظر مباشر عبر آلية العقوبات، حيث يتطلب ذلك موافقة جماعية من الدول الأعضاء، وهو ما تعارضه بعض العواصم الأوروبية –وفي مقدمتها هنغاريا– التي لا تزال تحافظ على علاقات طاقة قوية مع موسكو.

وأشارت مصادر في بروكسل إلى أن المقترح قد يستند إلى آليات قانونية ضمن تشريعات التجارة في الاتحاد الأوروبي، بدلاً من حزمة العقوبات التقليدية، ما يسمح بتجاوز "الفيتو الهنغاري" المحتمل، وفتح الباب أمام إجراءات تدريجية لحظر الغاز الروسي على مستوى السوق الموحدة.

شريك محل خلاف

كانت روسيا، حتى ما قبل الحرب في أوكرانيا عام 2022، أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا، حيث بلغت قيمة الواردات من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي نحو 163.6 مليار يورو عام 2021، لكن مع اشتداد النزاع في أوكرانيا وتصاعد التوترات السياسية، بدأ الاتحاد الأوروبي بتقليص تدريجي للواردات الروسية، لتتراجع إلى نحو 36 مليار يورو فقط في عام 2024.

ويعتبر هذا التحول الحاد في العلاقات التجارية جزءاً من استراتيجية أوروبية أوسع للابتعاد عن مصادر الطاقة الروسية، والبحث عن بدائل أكثر موثوقية عبر عقود طويلة الأمد مع موردين مثل النرويج والجزائر وقطر، فضلاً عن التوسع في محطات استقبال الغاز الطبيعي المسال (LNG).

وقالت المفوضية الأوروبية في بيانها: "إن الاعتماد المفرط على واردات الغاز الروسي يهدد أمن الاتحاد الأوروبي، ويقوض جهود تنويع مصادر الطاقة". 

وتؤكد المفوضية أن هناك "حاجة ملحة لمزيد من التنسيق على المستوى الأوروبي لضمان إنهاء هذا الاعتماد بحلول نهاية 2027".

إلا أن هذا التوجه يواجه مقاومة داخلية، لا سيما من هنغاريا، التي تعتمد على الغاز الروسي في تغطية جزء كبير من استهلاكها المحلي، وتعتبر أن الحظر الكامل سيؤثر سلباً على اقتصادها وأمنها الطاقي.

أوروبا في مفترق طرق

يرى مراقبون أن مقترح الحظر يضع الاتحاد الأوروبي أمام اختبار جديد لوحدة الصف بين دوله الأعضاء، في وقت تواجه فيه الكتلة تحديات اقتصادية وبيئية متشابكة، من بينها التضخم في أسعار الطاقة، وتسريع وتيرة التحول الأخضر.

ويؤكد خبراء أن أي حظر شامل يجب أن يُرافق بخطط دعم فني ومالي للدول المتأثرة، من خلال آليات مثل "صندوق الانتقال العادل" أو مشاريع البنية التحتية للطاقة المتجددة، لضمان نجاح الاستراتيجية الأوروبية دون إحداث انقسامات داخلية.

ومن المتوقع أن تثير خطة المفوضية نقاشًا حادًا خلال الأسابيع المقبلة بين حكومات الدول الأعضاء، حيث يتعين التوصل إلى صيغة توافقية توازن بين الاعتبارات الأمنية والاقتصادية.

وإذا ما تم تمرير المقترح بصيغته القانونية الجديدة، فسيكون بمثابة تحول نوعي في علاقة أوروبا بروسيا، ويكرّس بشكل نهائي الفصل بين المنظومتين الطاقيتين، بعد عقود من الترابط المعتمد على خطوط أنابيب الغاز العابرة للحدود.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية